الجمعة، 28 أغسطس 2015

تعليق الاقتصادي بول كولير حول الديمقراطية والتنمية

أثناء محاضرة في جامعة لندن للاقتصاد حول التنمية الاقتصادية في الدول الفقيرة والنامية، وجهت إحدى الحاضرات سؤالها للاقتصادي البريطاني (السير) بول كولير عما إذا كان تبني الديمقراطية شرطا لازما للتطور والنمو الاقتصادي في الدول النامية، وكان السؤال كما يبدو من صياغته من باب تأكيد المعلوم للحاضرين، والتغني بالديمقراطية الغربية كحل لمشاكل النمو في الدول البائسة على اختلاف خلفياتها وتركيبة سكانها. ولكن كان رد البروفيسور كولير صارما ومفاجئا للحضور: بالطبع لا!

ثم استطرد كولير قائلا: 
"دأب الغرب على التسويق للديمقراطية الحزبية والانتخابات على أنها القمة السامقة والطريقة المثلى لوصول الحكومات الرشيدة والشرعية  للسلطة. إلا أن هذه الآلية تؤدي إلى نتائج كارثية في المجتمعات المقسمة ابتداءا (قبليا أو عرقيا أو طائفيا أو ...). فالديمقراطية الحزبية في هكذا مجتمعات لن تزيدها إلا انقساما وفرقة، حيث تشكل كل مجموعة عرقية أو طائفية حزبا خاصا بها، وتتنافس مع المجموعات الأخرى على أساس هذه الهويات المحددة سلفا، فتتحول السردية السياسية إلى سردية قائمة على القمع الفكري وشيطنة الطرف المنافس، مما يعمق الفرقة والخلاف ويمزق الدولة. إن ما تحتاج إليه هذه المجتمعات في الحقيقة هو الهوية المشتركة، والهوية المشتركة حتما لن تخرج من رحم ديمقراطية حزبية قائمة على القمع الفكري. 

بالاضافة إلى ذلك، فإن الانتخابات في الديمقراطيات الحزبية، حتى هنا في الغرب، لا تنتج حكومات ذات شرعية مؤهلة للحكم. الوحيدون الذين يعتقدون بهذا الادعاء هم الفائزون في الانتخابات، والممولون لهم. في اعتقادي، الشرعية لا بد أن تكتسب على المدى الطويل من خلال الأداء والنتائج الملموسة التي يشعر بها المواطن العادي. "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق